الزواج والعلاقة الجنسية







من أجل ديمومة الانجذاب الجسدي بين الزوجين يجب جعل النصف الآخر الأولوية الرئيسية.
مضى على زواج سعد وهناء تسع سنوات ولديهما الآن طفلان صغيران بعمر الثامنة والسادسة. كليهما يعملان بدوام كامل ويفتخران بأنهما يشاركان في فعاليات إبنيهما في المدرسة والفعاليات الإجتماعية الأخرى.

إن العلاقة الجنسية التي كانت إيجابية ورائعة في بداية علاقة هذين الشخصين الزوجية، بدأت في الاضمحلال من حيث الرغبة الجنسية وعدد الممارسات. وعلى الرغم من إستمرارهما بإظهار أنهما يحبان بعضهما البعض، يشكو سعد من أنهما مشغولان جداً ومرهقان، في حين أن هناء تقول أنها متعبة جداً لتمارس الجنس. ويرى سعيد أنه في موقع خلفي بسبب إنشغال هناء بالعناية بطفليهما.

مع أنه لا يرغب بالتذمر، يعتقد سعد أن زواجهما في مشكلة. فهو يرغب في جعل علاقتهما الزوجية الفاقدة لبريقها السابق أكثر إرضاءاً لكليهما. لا تجد هناء أن هناك سبيل لإستعادة الرغبة الجنسية القديمة التي كانت تملأ السنوات الأولى من علاقتهما الزوجية.

 إن العلاقة الزوجية نداء لحميمية مستمرة – ليس الحميمية الجنسية فقط، بل أيضاً، التطور المقصود للمشاعر، التفكير، والألفة الروحية. فكل جانب من جوانب الحميمية بين سعد وهناء مرتبط بالجانب الآخر. لذا إن قام الزوجان بتجاهل روابط المشاعر أو لم يكترثا بالإهتمام بالآخر، فستتأثر علاقتهما الزوجية من كل الجوانب، والتي من ضمنها التعبير الجسدي عن الحب.

 مع أن الحميمية الجنسية ممتعة، فإن أهميتها في العلاقة الزوجية لا تنحصر بالمتعة؛ فهي أيضاً، تقوي الترابط بين الزوجين، مساعدتهم بذلك على مواجهة العديد من التحديات التي تواجه حياتهما معاً.
لقد أظهرت الدراسات أن بإمكان الزوجين الشغوفين ببعضهما حل المشاكل التي يواجهانها بسهولة أكبر من غيرهما، ومن هذه المصاعب تربية الأطفال، نمو العائلة، والمسائل المالية.


ربما كانت الحميمية الجنسية مسألة سهلة في المراحل الأولى من زواج سعد وهناء –التي كانت فترة مليئة بالقبلات والأحضان، كلمات وتعابير الحب، مواعيد العشاء الرومانسية، النزهات الشاعرية، ومشاركة الأفكار والمشاعر – والتي يمكن أن تعاني وتقل مع متطلبات نمو العائلة نتيجة وجود الأطفال. بمرور الوقت، الأزواج مثل سعد وهناء قد يوطدون الأمان والثقة في حياتهما الزوجية على حساب الشغف والمتعة فيما بينهما.

إن المحافظة على الانجذاب الجسدي، على أية حال، يتطلب قراراً مدركاً لإيجاد الوقت والجهد في جانب من العلاقة الزوجية كان من المفروض أن يأتي بصورة تلقائية. هذا الأمر يتطلب منح الأولوية للطرف الآخر– قبل العمل، التنظيف، وقبل حتى الأطفال. قد يعني هذا الأمر لسعد وهناء إيجاد جليسة أطفال، تناول عشاء رومانسي لوحدهما، الخروج في مواعيد غرامية، وإيجاد أساليب تواصل جديدة بينهما في علاقاتهما الزوجية.

بالنسبة لسعد وهناء، قد يتطلب التركيز على الحميمة منهما بذل الجهد لكسر الروتين وإستثمار طاقتهما للإبداع في ممارستهما للحب. جزء مما يجعل العلاقة رومانسية هو الإثارة المتأتية من إستكشاف شخص جديد وملاحظة أن هذا الشخص مهتم بنا. هذا بالطبع، لا يعني الزواج من شخص جديد، بل معاملة المقابل على أنك ما زلت تطمع في الفوز بقلبه وحبه. هذا بشكل أساسي، يعني إعادة استخدام هذه الأشياء الرائعة والتي كانت جزءاً من علاقتكما في السابق من دون وجود الخوف من الرفض أو الخسارة.

من أبعاد الطبيعة الجنسية الذكورية / الأنثوية ما يستحق إستكشاف الزوجين كيف يكمل كل منهما الآخر. وكما هو الحال في تجاذب المغانط إلى بعضها عند تعاكس الأقطاب، كذلك الأمر بين الرجل والمرأة فهما ينجذبان الى بعضهما، ليس بسبب النقاط المشتركة بينهما، بل بسبب الاختلافات أيضاً.
فعلى سبيل المثال، يظهر الرجال شغفهم من خلال المطاردة وإبتداء ممارسة الحب، بالتركيز على الغاية، الحماية والإلتزام؛ في حين أن النساء يملن بشكل لعوب إلى الإثارة والإغراء، بالتركيز على الاستسلام والأحاسيس. ويمكن لتضخيم هذين القطبين إثارة الشغف. 


في ثقافاتنا فإن هذه الطاقات لدى الجنسين محكوم عليها أن تكون في أضيق نطاق.
فالنساء مثلاً، يترددن في أن يظهرن "مفرطات الأنوثة" بسبب الخوف من أن ينظر إليهن على أنهن قليلات الذكاء أو سهلات المنال. الرجال يواجهون إحتمال أن يصبحوا بليدين. فمن الممكن أن تصبح المساواة وتبادل المشاعر حيرة وتماثل. إن التماثل غير مثير. في الحياة الزوجية، يحتاج الزوجان إلى إيجاد توازن صحي لكل من الثقة والإثارة. لكن هنا تكمن المشكلة الرئيسية: الحب يحتاج الى التقارب في حين أن الشغف يتطلب الإبتعاد. مع ذلك، يمكن أن يؤدي الكثير من الإبتعاد إلى ضعف التواصل، في حين أن الكثير من التماثل يمكن أن يؤدي إلى تدمير الإنجذاب بين شخصين فريدين. هذا هو التناقض الجوهري للحميمية والجنس.

يستمتع الحب بمعرفة كل شيء عن الآخر، في حين أن الشغف يتطلب الغموض. ففي حين أن الحب يزداد بالتكرار والتآلف، تخمد الشهوة بالروتين. فهي تقوم على الغموض، الغرابة، وغير المتوقع.
فالحب يتعلق بالامتلاك؛ والشغف يتعلق بالرغبة في الشيء. فالشغف يستفيد من المراوغة. لكن المعتاد بين الزوجين المعتادان على الراحة التي يقدمها الحب، أنهما يتوقفان عن إذكاء لهيب الشغف.
في رباط الزوجية المقدس تظهر دعوة الزوجين للحب والمحبة، للعالم لمحة عن محبة الخالق سبحانه غير المشروطة، الرفيعة والكبيرة لكل واحد منا.

إن مهمة كل من الزوجين أن يمنح رفيقه إحساس أن يكون محبوباً. هذا يعني أن الطرف الآخر يجب أن يكون عارفاً أنه محبوب وله المقام الأول في حيات الشريك. إن جعل كلا من الزوجين الطرف الآخر الأهم في حياته يجعل الحميمية تزدهر الى حب عميق. إن الدعوة لتحب وأن تكون محبوباً دعوة روحانية.
يقع على الزوجين واجب رعاية وتنمية الإثارة بينهما. فمن خلال قيام الزوجين بذلك فإنهما يجسدان المعنى الروحي للعلاقة الزوجية، كمصدر لنشاط الحياة وسبيل للخلاص.